شاعرُ من البصره… أبان الرقاشي

شاعرٌ من البَصرة…. أبان الرقاشي(ت200هـ)
التاريخ : 25 / 01/ 2020 عدد المشاهدات : 790

أبانُ بنُ عبدِ الحَميد بن لاحق بن عفير الرقّاشيّ (200هـ)، شاعرٌ مكثرٌ من أهل البصرة. نُسب إلى جدّه، فيقال: أبانُ اللاحقيُّ، إنتقل الى بغدادَ، واتَّصلَ بالبرامكةِ فأكثرَ من مدحهم، وأبرزُ ما قام به أنّه نظم (كليلة ودمنة) شعرا. وكتبا أخرى (سيرة أردَشير، سيرة أَنوشيرْوان، مَزْدَك).
ذكرهُ الجاحظُ في (الحَيوان، البيان والتبيين)، وترجمَ له ابنُ المعتزّ في كتابه (طبقات الشعراء)، وقد أحاط الصوليُّ بمعظم ما بقيَ من شِعره في كتابه (الأوراق)، بينما ذكر ابنُ عبدِ ربّه في (العِقدِ الفريد) شيئاً يسيراً من أخباره وشعره، ولم يَزد صاحبُ كتاب (الأغاني) (أبو الفرج الأصفهانيّ) على ما جاء به الصوليُّ، وقد فصّل ابنُ النديم في الفهرست في منظوماته، وقد انتبه النقّادُ العربُ الى حشوه، فوقف عنده ابنُ رشيق في (العمدة)، وكذلك الخطيبُ البغداديُّ في (تاريخ بغداد)، وامتدّ ذكرُ أبان اللاحقيّ عند النقّاد العرب المتأخرين؛ فذكره الصَّفَدِيُّ في (الوافي بالوفيّات)، وابنُ تغري بردي في (النجوم الزاهرة)، وحاجي خليفة في (كشف الظنون)، والبغداديُّ في (خِزانة الأَدِب).
لقد اشتهرَ أبانُ بالهِجاء، لكنَّ هجاءَه لم يكن فاحشاً، ثمّ يأتي المدحُ والرثاءُ والغَزَلُ، وأإَّ مديحه يكاد يقتصر على الفضل بن يحيى.
وتأتي أهميّة أبان اللاحقيّ في أنّه أجاد في النظم أكثر من الشعر على الرغم من أنّ النظم يُعدّ من الناحية الفنيّة أقلّ قيمة من الشعر، والباحث في شعر أبان لا يجد منه إلّا شذراتٍ في كتابِ (الأوراق)، وقد طُبع حديثاً في كتابٍ لنازك سبايارد في كتاب سمّتْه (في فَلَك أبي نؤاس).
وفي ما يلي أبياتٌ مقتطّعة من منظومة (كليلة ودمنة)، يقول:
هذا كتابُ أدبٍ ومحنةٍ وهو الذي يُدعى كَليلة دمنة
فيه دلالاتٌ وفيه رشدُ وهو كتابٌ وَضَعَتْه الهندُ
فَوَصفوا آدابَ كلِّ عالمٍ حكايةً عن ألسنِ البهائم
فالحكماءُ يعرفون فضله والسخفاءُ يشتهون هزْله
وهو على ذاك يسيرُ الحفظ لذَّ على اللسان عندَ اللفظ
فانْظُر فتلكَ روضةُ المعاني ودوحةُ المنطق والبَيان
نظَمْتُ فيها مائتي حكاية وكلّها بالحُسن في نِهاية
فيها إشاراتٌ الى مَواعِظِ نافعةٍ لكلِّ واعٍ حافِظ
ضمَّنتُها أمثالهَا والحِكَما وربَّما استعرتُ قولَ الحُكَما

تاريخ الشعر العربي

الشعر العربي عُرف الشّعر العربي قديماً بأنه منظومُ القولِ قد غلب عليه لتشريفه بالقافيةِ والوزن (ابن منظور، ولسان العرب)، وعُرف كذلك بأنه النظم الموزون الّذي ركِّب تركيباً متعاضداً، وكان موزوناً مقفّى؛ حيث إنّ كلّ من خلا من كلّ ما ذُكر لا يُسمى شعراً، ومن هُنا يتبيّن أنّه يُشترط في الشعر أركانٌ أربعة كما ذكرها الفيومي، وهي: الوزن، والقافية، والمعنى، والقصد.

الشعر الجاهلي يُعتبر الشّعر الجاهلي برغم قلته وفقدان الكثير منه من أرقى أنواع الشّعر العربي المقروء حتّى هذه اللحظة، فهو بالإضافة لبلاغته وقيمته الفنيّة يُعتبر مصدراً رئيسيّاً ومهمّاً للغةِ العربيةِ الفُصحى، سواءً أكان هذا بالمفردات الغنيّة أو القواعد في اللغة؛ حيث يُعتبر الشعر الجاهلي سجلاً تاريخيّاً موثوقاً للحياةِ الثقافيّةِ والاجتماعيّةِ والسياسيّة في ذلك الوقت.

الشعر في عصر الإسلام ممّا سبق عَلِمنا بأنَّ الشعر هو المُسيطر في العصر الجاهلي في جميع نواحي الحياة بشكلٍ عام، حتى جاء الإسلام بالقرآن، ودخول أكثر الشعراء في هذا الدين؛ حيث حاول هؤلاء الشعراء محاكاة الدين شعراً، لكنّه لم يخلُ من ارتدائه لعباءة العصر الجاهلي، على الرغم من استخدام المعاني والمرادفات الإسلاميّة.

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ